يعتبر التوزيع أحد عناصر المزيج التسويقي المهمة التي بدونها لا تتم عمليات التسويق، حيث يتم من خلالها نقل السلع من مصادر إنتاجها إلى المشتري أو المستهلك في المكان والوقت المناسب.
السياسات والطرق المتبعة في عملية التوزيع:
توجد سياستين أو طريقتين أساسيتين للتوزيع تقوم المؤسسات من خلالهما بتوزيع سلعها في السوق وتوفيره للمستهلك، وقد يتضمن ذلك إما توزيع السلع بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر من خلال إستخدام مجموعة من الأشخاص والمنشآت التي تتولى تصريف المنتجات إلى المستهلك.
1. تعريف التوزيع:
التوزيع هو تلك العملية التي تعنى بنقل المنتج من مصادر إنتاجه إلى أماكن إستهلاكه (في المكان الذي يريده المستهلك، وفي الوقت الذي يرغب فيه) وذلك قصد تحقيق المنفعة وإتباع الرغبة للمستهلكين، فلا يكفي أن يكون المنتج ذو جودة عالية، وبسعر مناسب، ومرفوق بترويج لائق لكي يتم تسويقه ما لم يكن متوافر بالحجم اللازم في المكان الذي يريده المستهلك، والوقت المناسب كذلك.
وحسب "Mircal and Abaum" فإنه يرى أنه بغض النظر عن درجة جودة المنتج أو طريقة أدائه فإنه لا يمكن إتمام العملية البيعية ما لم يتوافر هذا المنتج في السوق للمستهلك المحتمل الذي يرغب في شرائه، وهذا يعني ضرورة توفير المنشأة للمنتج في الوقت والمكان المناسب.
من التعريف السابق، يمكن أن نلمس شيئا من أهمية التوزيع ومكانته الحساسة وسط عناصر المزيج التسويقي، إذ لا يمكن أن تتم عملية البيع إن لم يتم إتخاذ الإجراءات اللازمة لجعل المنتج متوافرا في الوقت والمكان المناسب للمستهلك حتى لو كان المنتج الذي تقدمه المنظمة يتميز بخصائص متميزة من حيث الجودة أو السعر أو طريقة ترويجه، فتوافر المنتج وفق الثلاث عناصر السابقة لا يعني تحقيق لعملية البيع إلا بتوفر رابع هذه العناصر الذي هو التوزيع.
2. سياسة التوزيع المباشر:
التوزيع المباشر هو قيام المنتج بتوزيع منتجاته دون الإعتماد على منشآت التوزيع المتاحة في الأسواق، وهذا يعني قيام المنتج بالإتصال بالمستهلكين النهائيين أو الصناعيين مباشرة ومحاولة بيع السلعة لهم؛ ويتم إستخدام التوزيع المباشر في الغالب بسبب عدم تعاون الوسطاء في توزيع منتجات المؤسسة، ومحاولة هذه الأخيرة التخلص من المخزون والبحث عن أسواق جديدة.
وأيضا سعي المؤسسة للحصول على الربح دون مشاركة الوسطاء، وبالتالي يستطيع المنتج أن يخفض سعره قليلا، حيث سيوفر بعض هوامش الربح التي كان سيحصل عليها الوسطاء، أو بسبب رغبة المنتج في الرقابة على السوق ورقابة الجهود البيعية لضمان فعاليتها، أو من أجل الحصول على المعلومات المتعلقة بالسوق والتغيرات التي فيه وأنماط سلوك المستهلك ومعرفة ردود فعل المستهلك من السلعة بصورة سريعة؛ هناك بعض الطرق التي يمكن إستخدامها في حالة التوزيع المباشر وهي:
- طواف رجال البيع: تعتبر هذه الطريقة من أقدم الطرق المستخدمة، حيث يعتمد المنتج على رجال البيع التابعين له والذين يطوفون بالسلع أو عينات منها على مواقع المستهلكين سواء النهائيين أو الصناعيين دون الحاجة إلى فتح محالات في أماكن ثابتة، وتعتمد هذه الطريقة على جهود رجال البيع، حيث يقومون بإقناع المستهلك بالسلعة وتقديم عينات لها وأخذ طلبات في حالة نجاح الجهود البيعية، ثم يقومون بإرسال البضاعة بعد ذلك أو بيع البضاعة مباشرة إلى المستهلك.
- البيع المباشر: تعتمد هذه الطريقة على قبول الطلبات من المستهلك مباشرة عن طريق البريد أو الكتالوجات أو في بعض الأحيان الهاتف، وتهدف هذه الطريقة إلى خدمة المستهلك دون تحمل مشقة القيام بالتسوق، وتعتمد المؤسسات والموزعين في محاولة زيادة جاذبية هذه الطريقة على تطبيق طريقة الدفع النقدي مع التمتع بخصم معين أو اتباع سياسة التقسيط.
- البيع الآلي: تستخدم هذه الطريقة بالإستعانة ببعض الآلات التي تعمل بطريقة أتوماتيكية عن طريق وضع العملة المطلوبة لثمن السلعة والحصول على السلعة، وتناسب هذه الطريقة بعض أنواع السلع الميسرة ولا يمكن الإعتتماد عليها بمفردها في توزيع هذه المنتجات بل تستخدم مع طرق التوزيع غير المباشر نظرا لعدم قدرة المؤسسات على نشر هذه الآلات في كل الأماكن التي يتوقعها المستهلك.
- متاجر تجزئة يملكها المنتجون: يقوم بعض المنتجين بفتح متجار تقوم ببيع منتجاتهم مباشرة إلى المستهلك، ونادرا ما يعتمد المنتج على هذه الطريقة بمفردها ولكن تستخدم بجانب الإستعانة بخدمات الوسطاء، نظرا لصعوبة فتح متاجر في أماكن متعددة في الأسواق لضخامة الإستثمارات التي تحتاجها المؤسسة لإمتلاك هذه المتاجر.
3. سياسة التوزيع الغير مباشر:
يقصد بالتوزيع الغير مباشر إستعانة المنتجين بالوسطاء لتوزيع منتجاتهم وإيصالها لمن يطلبها من المستهلكين، وظهرت أهمية إستخدام الوسطاء في تصريف منتجات المؤسسة نتيجة لإتساع الأسواق التي يخدمها المنتجون بما لا يتمكنون معها من تغطية هذه الأسواق من خلال إتصالهم المباشر مع المستهلك؛ ويتم إستخدام الوسطاء بسبب العديد من الصعوبات التي تواجهها معظم المنظمات والتي يمكن حلها عن طريق هؤلاء الوسطاء؛ حيث يعمل الوسطاء على حل مشكل:
1. البعد الجغرافي: نتيجة لكبر حجم المؤسسات وضخامة إنتاجها، وكذا ظهور العولمة والأسواق الدولية زاد من بعد المنتج على المستهلكين، مما إضطر المنتجين إلى الإستعانة بخدمات الوسطاء المتمركزين في أسواق قريبة من المستهلكين، حيث يتيح التعامل مع الوسطاء للمنتج العديد من المزايا، فالوسطاء يمكن إعتبارهم مركز للمعلومات عن طريق مد المؤسسات بالمعلومات عن أذواق المستهلكين، إتجاهات الطلب، وردود فعلهم عن السلع المعروضة.
وبذلك تعتبر مصدرا هما للمنتج في التنبؤ بالطلب وتخطيط المنتجات الجديدة، كما يمكن للوسطاء تحقيق محاكاة أفضل بين إحتياجات المستهلك وبين السلع المعروضة، فعن طريقهم يمكن للمنتج معرفة الأنواع التي لا يقبل عليها المستهلك وأسباب عدم إقباله فيقوم بدوره بتحسين هذه المنتجات أو إقصائها من المزيج السلعي وبالتالي تحقق التشكيلة المعروضة أفضل إشباع للمستهلكين.
2. توفير المنتج في الوقت والمكان المناسبين: إن السلعة تحقق الإشباع المطلوب إذا كانت تقدم للمستهلك في المكان والوقت المناسب، وهذا ما يقوم به الوسطاء حيث يوزعون السلع في المكان الملائم للمستهلك والوقت الذي يطلب فيه السلعة، فبدلا من أن يقوم المنتجون بالإتصال بالمجموعات المختلفة من المستهلكين ومما يترتب عليه من زيادة في عمليات الإتصال يقوموا بالإتصال بوسيط واحد أو عدد محدود من الوسطاء والذين يقومون بدورهم بعملية الإتصال بالمستهلكين وعرض السلع؛ كما الوسطاء يساعدون المؤسسات في تحمل عبء تخزين المنتج إلى أن يتم بيعها المستهلك.
3. إشباع حاجات المستهلك: من الملاحظ أيضا أن الوسطاء يقومون بدور رئيسي في إشباع حاجات المستهلك، فتفضيلات المستهلكين مختلفة وحاجاتهم متباينة، وهناك دور رئيسي للوسطاء في هذا الصدد حيث يقومون بنقل المعلومات الخاصة بتفضيلات المستهلكين إلى المنتجين ومن ثم يمكنهم من تقديم تشكيلة من السلع تشبع هذه الإحتياجات المتباينة.
ومن ناحية أخرى يخدم الوسطاء المنتجين والمستهلكين عن طريق ما يسمى بالتركز والإنتشار فتاجر الجملة يشتري بكميات كبيرة من السلع المختلفة ثم يقوم بتجزئتها إلى كميات أصغر ليشتريها تجار التجزئة وهم بذلك يشكلون حلقة الإتصال المباشر بالمستهلكين ليعرضوها في الشكل الذي يرغبونه.
4. التوزيع حسب درجة الشمولية:
بالإضافة إلى سياستي التوزيع الأساسيتين التي تم تصنيف أنواع التوزيع على أساسها والتي ذكرناهم فوق، إلا أن هناك من قام بتقسيم أنواع التوزيع حسب درجة الشمولية، والتي تنقسم إلى ثلاثة أقسام (سياسة التوزيع الشامل، سياسة التوزيع الإنتقائي، سياسة التوزيع الوحيد).
1. سياسة التوزيع الشامل: تستخدم سياسة التوزيع الشامل في حالة بيع السلع الإستهلاكية الميسرة، فالمستهلك يطلب هذه السلعة ليحقق إشباع مؤقت، وبالتالي فهو يسعى للحصول عليها من أقرب مكان وبأقل مجهود ممكن، وتتيح هذه السياسة للمنتج التغطية الشاملة للسوق وإن كانت تحتاج إلى تكلفة مرتفعة حيث تقع مسؤولية الإعلان والترويج على كاهل المنتج؛ (أي توزيع السلعة في أكبر عدد من المتاجر التي يتردد عليها المستهلكون ويناسب ذلك السلع ذات الإستهلاك الواسع كالمواد الغدائية).
2. سياسة التوزيع الإنتقائي: وتقوم هذه السياسة على أساس عرض السلعة في عدد محدود من متاجر الجملة أو التجزئة التي يتم إختيارها في سوق معينة، وتناسب هذه السياسة السلع الإستهلاكية المعمرة والتي يكون المستهلك على إستعداد لبذل جهود خاصة في شرائها.
كما قد تقرر المنشأة الإعتماد على التوزيع الإنتقائي بعد التجربة العملية لسياسة التوزيع الشامل، وقد يأتي هذا التغيير لتكلفة التوزيع الشامل أو لسوء أداء الوسطاء بالإضافة إلى إرتفاع درجة المخاطر، وتمكن سياسة التوزيع الإنتقائي المنتج من إحكام الرقابة على مبيعاته بالإضافة إلى تقليل التكلفة.
3. سياسة التوزيع الوحيد: وفقا لهذه السياسة يقوم المورد ببيع منتجاته إلى تاجر الجملة أو التجزئة في سوق معينة، وطبقا لهذه السياسة أيضا قد يمنع تاجر الجملة أو تاجر التجزئة من التعامل مع منتجات منافسة؛ وتستخدم هذه السياسة في سوق المستهلك النهائي خاصة بالنسبة لبعض المنتجات غالية الثمن، كالملابس الفاخرة، وقد يفضل المنتج أيضا سياسة التوزيع الوحيد عندما يكون تاجر التجزئة لديه القدرة على القيام بوظيفة التخزين، كما أن هذه السياسة يكون مرغوب فيها في حالة قيام الموزع بأداء خدمات التركيب والإصلاح بعد إتمام عملية البيع.